"واشنطن بوست": الحرارة والعواصف والبعوض أخطار تهدد حقوق المحتجزين في سجن إيفرجليدز
"واشنطن بوست": الحرارة والعواصف والبعوض أخطار تهدد حقوق المحتجزين في سجن إيفرجليدز
واجه معسكر الاحتجاز الذي أقيم على عجل في إيفرجليدز بولاية فلوريدا، والذي بدأ أخيراً في معالجة طلبات المهاجرين المحتجزين، انتقادات متزايدة بسبب تهديدات بيئية وصحية خطيرة، فضلاً عن مخاوف تتعلق بانتهاك حقوق الإنسان.
ووفقاً لتقرير صحيفة "واشنطن بوست"، الأحد، كشف مسؤولون ومختصون أن المخيم الذي أُنشئ في ثمانية أيام على أراضٍ رطبة قرب مستنقع بيغ سايبرس، لا يلبي المعايير الفيدرالية الخاصة بمقاومة الأعاصير، وغمرته المياه مرة واحدة على الأقل، ويُتوقع أن يُعرض أكثر من 3000 محتجز و100 موظف لأخطار البعوض الحامل للأمراض، والحرارة المرتفعة، والعواصف القوية.
أخطار صحية
أكد الأستاذ الفخري في علم الأوبئة بجامعة ييل، دورلاند فيش، أن الموقع يشهد نشاطًا مكثفًا للبعوض الناقل لأمراض عصبية خطِرة مثل التهاب الدماغ، مضيفًا: "لا يوجد علاج لهذه الأمراض"، كما أشار إلى أن الظروف البيئية في المستنقع تُفاقم خطر العدوى.
عبّر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ووزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم عن دعمهما القوي للموقع، حيث وصفه ترامب بأنه مخصص "لبعض من أخطر المهاجرين"، وأكد أن الطبيعة الوعرة للموقع ستُثني عن الهروب، قائلاً: "نحن محاطون بأميال من المستنقعات الغادرة، والحل الوحيد للخروج هو الترحيل".
احتجاجات برلمانية وحقوقية
رفضت سلطات المعسكر دخول وفد من نواب الحزب الديمقراطي، ما أثار غضبهم ودفعهم لإصدار بيان اعتبروا فيه أن "منع الدخول انتهاك صارخ للسلطة ومحاولة لإخفاء الانتهاكات"، وشيدت المنشأة في موقع مطار مهجور كان جزءًا من مشروع مطار ضخم أُلغي في السبعينيات بعد اعتراضات من نشطاء البيئة والسكان الأصليين.
وواجه بناء المخيم بسرعة وبتكلفة غير معلنة انتقادات هندسية أيضًا، فقد أشار مدير مختبر مترو لاب في جامعة فلوريدا أتلانتيك، الأستاذ أنتوني أباتي، إلى أن تصميم المنشأة لتحمل رياح بسرعة 110 أميال في الساعة غير كافٍ، ولا يتوافق مع قانون البناء الساري في مناطق الأعاصير بفلوريدا.
قلق بيئي على النظام الإيكولوجي
أكد المصور البيئي كلايد بوتشر، الذي وثّق منطقة إيفرجليدز لأربعة عقود، أن تشغيل الموقع سيؤثر سلبًا في النظام البيئي الحساس بسبب المولدات والضوء الصناعي والمبيدات، كما أبدى قلقه من موسم الأعاصير الذي بدأ أخيراً، قائلاً: "هذا ليس قرارًا صائبًا".
وفي السياق نفسه، حذرت جماعات حقوق الإنسان من الظروف القاسية التي ستؤثر في المحتجزين، وقالت نائبة مدير ائتلاف المهاجرين في فلوريدا، ريناتا بوزيتو، إن الموقع النائي يُصعب من وصول المحامين وأقارب المحتجزين، معتبرة أن عزله في منطقة بيئية هشة ومع تشييده بمواد مؤقتة يُعرض الأرواح للخطر حال حدوث إعصار.
أكدت وزيرة الأمن الداخلي نويم أن تكاليف تشغيل الموقع، والتي تصل إلى 450 مليون دولار في السنة الأولى، ستُسددها وكالة إدارة الطوارئ الفيدرالية، غير أن وزارة الأمن الداخلي نفت صلتها المباشرة بالمشروع، مشيرة إلى أنه يُدار بالكامل من قِبل ولاية فلوريدا بموجب سلطاتها الخاصة في حالات الطوارئ.
يسعى حاكم الولاية رون ديسانتيس لتوسيع النموذج وبناء شبكة من هذه المراكز، حسب خطة مكونة من 37 صفحة تهدف إلى فرز واحتجاز وترحيل المهاجرين غير النظاميين، وتشير الخطة إلى نية استيعاب النساء والأطفال في بعض هذه المنشآت، ما يفتح الباب أمام موجة جديدة من الانتقادات الحقوقية والقانونية.
أوضح الأستاذ المساعد في جامعة كاليفورنيا في سانتا كروز، كارلوس مارتينيز، أن بعض التهديدات الصحية في موقع إيفرجليدز، مثل البعوض والحرارة، لا تُشبه أي تهديد آخر في مراكز احتجاز تقليدية، كما انتقد المواد الدعائية التي نشرتها وزارة الأمن، مثل صورة تماسيح ترتدي قبعات شرطة الهجرة، معتبراً أنها تروّج لشيطنة المهاجرين.
وبذلك، تتلاقى المخاوف البيئية والحقوقية في صورة قاتمة لمرفق احتجاز يعكس تصعيدًا جديدًا في سياسات الهجرة، وسط تساؤلات متزايدة عن مدى التزام السلطات بالمعايير الإنسانية والدستورية في معاملتها للمهاجرين.